كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [32] في {الحق} النصب والرفع إن جعلت {هو} اسما رفعت الحق بهو. وإن جعلتها عمادا بمنزلة الصلة نصبت الحق. وكذلك فافعل في أخوات كان، وأظنّ وأخواتها كما قال اللّه تبارك وتعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} تنصب الحق لأن رأيت من أخوات ظننت. وكل موضع صلحت فيها رفع فتقول: رأيت زيدا هو قائم ورأيت عمرا هو جالس. وقال الشاعر:
أجدّك لن تزال نجىّ همّ ** تبيت الليل أنت له ضجيع

ويجوز النصب في ليت بالعماد، والرفع لمن قال: ليتك قائما. أنشدنى الكسائىّ:
ليت الشباب هو الرجيع على الفتى ** والشيب كان هو البديء الأوّل

ونصب في ليت على العماد ورفع في كان على الاسم. والمعرفة والنكرة في هذا سواء.
وقوله: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلى فِئَةٍ} [16] هو استثناء والمتحيز غير من. وإن شئت جعلته من صفة من، وهو على مذهب قولك: إلا أن يوليهم يريد الكرّة، كما تقول في الكلام: عبد اللّه يأتيك إلّا ماشيا، ويأتيك إلا أن تمنعه الرحلة. ولا يكون {إلا} هاهنا على معنى قوله: {إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} لأن {غير} في مذهب لا ليست في مذهب إلا.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
وقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى}.
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بكفّ من تراب فحثاه في وجوه القوم، وقال: «شاهت الوجوه»، أى قبحت، فكان ذلك أيضا سبب هزمهم.
{ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}.
وقوله: {ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}.
و{موَهِّن}. فإن شئت أضفت، وإن شئت نوّنت ونصبت، ومثله: {إنّ اللّهَ بَالِغُ أمْرِهِ}، و{بَالغٌ أمْرَهُ} و{كاشفاتُ ضُرِّه}، و{كاشِفَاتٌ ضُرَّه}.
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}.
قال أبو جهل يومئذ: اللهم انصر أفضل الدينين وأحقَّه بالنصر، فقال الله تبارك وتعالى: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} يعنى النصر.
وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: كسر ألفها أحب إلىّ من فتحها؛ لأن في قراءة عبدالله: {وإن الله لمع المؤمنين} فحسَّن هذا كسرها بالابتداء. ومن فتحها أراد {وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ} يريد: لكثرتها ولأن الله مع المؤمنين، فيكون موضعها نصبا لأن الخفض يصلح فيها.
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
وقوله: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ}.
أمرهم ثم نهاهم، وفيه طَرَف من الجزاء وإن كان نهيا. ومثله قوله: {يا أيها النمل ادخلوا مساكِنكم لا يحطِمنَّكم} أمرهم ثم نهاهم، وفيه تأويل الجزاء.
{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وقوله: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ}.
نزلت في المهاجرين خاصَّة.
وقوله: {فَآوَاكُمْ} يعنى إلى المدينة، {وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ} أى قوَّاكم.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وقوله: {لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ}.
إن شئت جعلتها جزما على النهى، وإن شئت جعلتها صرفا ونصبتها؛ قال:
لا تنه عن خُلُقٍ وتأتِىَ مِثلَه ** عار عليك إِذا فعلت عظيم

وفى إحدى القراءتين {ولا تخونوا أماناتِكم} فقد يكون أيضا هنا جزما ونصبا.
{يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
وقوله: {إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}.
يقول: فتحا ونصرا. وكذلك قوله: {يوم الفرقانِ يوم التقى الجمعانِ} يوم الفتح والنصر.
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
وقوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}.
اجتمع نفر من قريش فقالوا: ما ترون في محمد صلى الله عليه وسلم ويدخل إبليس عليهم في صورة رجل من أهل نجد، فقال عمرو بن هشام: أرى أن تحبسوه في بيت وتُطَيِّنوه عليه وتفتحوا له كُوّة وتضيِّقوا عليه حتى يموت. فأبى ذلك إبليس وقال: بئس الرأى رأيك، وقال أبو البَخْتَرِىّ بن هشام: أرى أن يحمل على بعير ثم يطرد به حتى يهلك أو يكفيكموه بعض العرب، فقال إبليس: بئس الرأى! أتخرجون عنكم رجلا قد أفسد عامّتكم فيقع إلى غيركم! فعلّه يغزوكم بهم. قال الفاسق أبو جهل: أرى أن نمشى إليه برجل من كل فخذ من قريش فنضربه بأسيافنا، فقال إبليس: الرأى ما رأى هذا الفتى، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فخرج من مكَّة هو وأبو بكر. فقوله: {ليثبتوك}: ليحبسوك في البيت. {أو يخرِجوك} على البعير {أو يقتلوك}.
{وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
وقوله: {قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ}.
فى {الحق} النصب والرفع؛ إن جعلت {هو} اسما رفعت الحق بهو. وإن جعلتها عمادا بمنزلة الصلة نصبت الحق. وكذلك فافعل في أخوات كان، وأظنّ وأخواتها؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {ويرى الذِين أوتو العِلم الذي أنزِل إليك مِن ربك هو الحق} تنصب الحق لأن رأيت من أخوات ظننت. وكل موضع صلحت فيه يفعل أو فعل مكان الفعل المنصوب ففيه العماد ونصب الفعل. وفيه رفعه بهو على أن تجعلها اسما، ولابد من الألف واللام إذا وجدت إليهما السبيل. فإذا قلت: وجدت عبدالله هو خيرا منك وشرا منك أو أفضل منك، ففيما أشبه هذا الفعل النصب والرفع. النصب على أن ينوى الألف واللام، وإن لم يكن إدخالهما. والرفع على أن تجعل {هو} اسما؛ فتقول: ظننت أخاك هو أصغُر منك وهو أصغرَ منك. وإذا جئت إلى الأسماء الموضوعة مثل عمرو، ومحمد، أو المضافة مثل أبيك، وأخيك رفعتها، فقلت: أظنّ زيدا هو أخوك، وأظنّ أخاك هو زيد، فرفعت؛ إذا لم تأت بعلامة المردود، وأتيت بهو التي هي علامة الاسم، وعلامة المردود أن يرجع كل فعل لم تكن فيه ألف ولام بألف ولام ويرجع على الاسم فيكون {هو} عمادا للاسم والألف واللام عماد للفعل. فلمَّا لم يُقدَر على الألف واللام ولم يصلح أن تُنويا في زيد لأنه فلان، ولا في الأخ لأنه مضاف، آثروا الرفع؛ وصلح في أفضل منك لأنك تلقى من فتقول: رأيتك أنت الأفضل، ولا يصلح ذلك في زيد ولا في الأخ أن تنوى فيهما ألفا ولاما. وكان الكسائىّ يجيز ذلك فيقول: رأيت أخاك هو زيدا، ورأيت زيدا هو أخاك. وهو جائز كما جاز في أفضل للنية نية الألف واللام. وكذلك جاز في زيد، وأخيك. وإذا أمكنتك الألف واللام ثم لم تأت بهما فارفع؛ فتقول: رأيت زيدا هو قائم ورأيت عمرا هو جالس. وقال الشاعر:
إجِدَّك لن تزال نجِىَّ هَمّ ** تبيت الليل أنت له ضجيع

ويجوز النصب في ليت بالعماد، والرفع لمن قال: ليتك قائما. أنشدنى الكسائىّ:
ليت الشباب هو الرجيع على الفتى ** والشيب كان هو البديءُ الأوّل

ونصب في ليت على العماد ورفع في كان على الاسم. والمعرفة والنكرة في هذا سواء.
وقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [41] دخلت أنّ في أوّله وآخره لأنه جزاء بمنزلة قوله: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} وبمنزلة قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ} ويجوز في أنّ الآخرة أن تكسر ألفها لأن سقوطها يجوز ألا ترى أنك لو قلت: أعلموا أنّ ما غنمتم من شيء فللّه خمسه تصلح، فإذا صلح سقوطها صلح كسرها.
وقوله: {وَلِذِي الْقُرْبى}: قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم {وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ}: يتامى الناس ومساكينهم، ليس فيها يتامى بنى هاشم ولا مساكينهم.
وقوله: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا} [42] والعدوة: شاطئ الوادي {الدُّنْيا} مما يلى المدينة، و{الْقُصْوى} مما يلى مكّة.
وقوله: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} يعنى أبا سفيان والعير، كانوا على شاطئ البحر.
وقوله: {أَسْفَلَ مِنْكُمْ} نصبت يريد: مكانا أسفل منكم. ولو وصفهم بالتسفل وأراد: والركب أشد تسفّلا لجاز ورفع.
وقوله: {وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} كتابتها على الإدغام بياء واحدة، وهى أكثر قراءة القراء. وقد قرأ بعضهم {حيى عن بيّنة} بإظهارها. وإنما أدغموا الياء مع الياء وكان ينبغى لهم ألا يفعلوا لأن الياء الآخرة لزمها النصب في فعل، فأدغموا لمّا التقى حرفان متحرّكان من جنس واحد. ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الآخرة، فتقول للرجلين: قد حيّا، وحييا. وينبغى للجمع ألا يدغم لأنّ ياءه يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغى لها أن تسكن فتسقط بواو الجمع. وربما أظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادة تأليف الأفعال وأن تكون كلها مشدّدة.
فقالوا في حييت حيّوا، وفى عييت عيّوا أنشدنى بعضهم:
يحدن بنا عن كلّ حىّ كأننا ** أخاريس عيّوا بالسلام وبالنّسب

يريد النّسب. وقال الآخر:
من الذين إذا قلنا: حديثكم ** عيّوا، وإن نحن حدّثناهم شغبوا

وقد اجتمعت العرب على إدغام التحيّة والتحيّات بحركة الياء الأخيرة فيها كما استحبّوا إدغام عىّ وحىّ بالحركة اللازمة فيها. وقد يستقيم أن تدغم الياء والياء في يحيا ويعيا وهو أقل من الإدغام في حىّ لأن يحيا يسكن ياؤها إذا كانت في موضع رفع، فالحركة فيها ليست لازمة. وجواز ذلك أنك إذا نصبتها كقول اللّه تبارك وتعالى: {أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} استقام إدغامها هاهنا ثم نؤلّف الكلام، فيكون في رفعه وجزمه بالإدغام فتقول هو يحىّ ويميت أنشدنى بعضهم:
وكأنها بين النساء سبيكة ** تمشى بسدّة بيتها فتعىّ

وكذلك يحيّان ويحيّون.
وقوله: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ} [48] هذا إبليس تمثل في صورة رجل من بنى كنانة يقال له سراقة بن جعشم. قال الفرّاء: وقوله: {وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ} من قومى بنى كنانة ألّا يعرضوا لكم، وأن يكونوا معكم على محمد صلى الله عليه وسلم فلمّا عاين الملائكة عرفهم ف {نكص على عقبيه}، فقال له الحرث بن هشام: يا سراقة أفرارا من غير قتال! فقال: {إنى أرى ما لا ترون}.
وقوله: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا} [50] يريد: ويقولون، مضمرة كما قال: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا} يريد يقولون: {ربّنا}. وفى قراءة عبد اللّه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ يقولان رَبَّنا}.
وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [51] {أنّ} في موضع نصب إذا جعلت ذلك نصبا وأردت: فعلنا ذلِكَ {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} وب {أَنَّ اللَّه}. وإن شئت جعلت ذلك في موضع رفع، فتجعل {أن} في موضع رفع كما تقول: هذا ذاك.
وقوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} [52] يريد: كذّب هؤلاء كما كذّب آل فرعون، فنزل بهم كما نزل بآل فرعون.
وقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [57] يريد: إن أسرتهم يا محمد فنكّل بهم من خلفهم ممن تخاف نفضه للعهد {فَشَرِّدْ بِهِمْ}.
{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} فلا ينقضون العهد. وربما قرئت {من خلفهم} بكسر {من}، وليس لها معنى أستحبّه مع التفسير.
وقوله: {وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً} [58] يقول: نقض عهد {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} بالنقض {عَلى سَواءٍ} يقول: افعل كما يفعلون سواء. ويقال في قوله: {عَلى سَواءٍ}: جهرا غير سرّ. وقوله: {تَخافَنَّ} في موضع جزم. ولا تكاد العرب تدخل النون الشديدة ولا الخفيفة في الجزاء حتى يصلوها ب ما، فإذا وصلوها آثروا التنوين. وذلك أنهم وجدوا لـ {إما} وهى جزاء شبيها ب إما من التخيير، فأحدثوا النون ليعلم بها تفرقة بينهما ثم جعلوا أكثر جوابها بالفاء كذلك جاء التنزيل قال: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ}، {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} ثم قال: {فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ} فاختيرت الفاء لأنهم إذا نوّنوا في {إمّا} جعلوها صدرا للكلام ولا يكادون يؤخرّونها. ليس من كلامهم: اضربه إمّا يقومنّ إنما كلامهم أن يقدّموها، فلما لزمت التقديم صارت كالخارج من الشرط، فاستحبوا الفاء فيها وآثروها، كما استحبّوها في قولهم: أمّا أخوك فقاعد، حين ضارعتها.